الأسئلة التالية وضعها الملحدون حول العالم، للتشكيك بحقيقة الإيمان بوجود الله.
وجهة نظرهم أنّ لمؤسسي الديانات غاياتٍ شخصية دفعت بهم إلى إنشاء الدّين. وهكذا انقاد الناس وراءهم كالعميان، بلا فحصٍ عميق أو تدقيق صحيح في محتوى الرسالة وشخصية صاحبها. وهذه الأسئلة تختصر مئات الأسئلة الأخرى التي تخطر على بال الكثيرين.
السؤال الأول
لماذا لا يأتي الله بنفسه ويعطينا الرسالة عوضاً عن أن يبعث برسول منه؟
السؤال الثاني
هل قدّمت رسالة المسيح أيّ امتياز للشعب اليهوديّ الذي ينتمي إليه؟
السؤال الثالث
كيف كانت حياة حامل الرسالة، وهل استفاد من رسالته مادياً أو معنوياً؟
السؤال الرابع
ما هي التضحيات التي قدّمها حامل الرسالة في سبيل إيصال رسالته؟
السؤال الخامس
ما هي البراهين التي قدّمها حامل الرسالة للدلالة على صحّة ادّعائه؟
هل يمكن أن تصمد المسيحية أمام هذه الأسئلة؟
السؤال الثاني
هل قدّمت رسالة المسيح أيّ امتياز للشعب اليهوديّ الذي ينتمي إليه؟
رسالة المسيح هي السبب الأول لكراهية اليهود له إلى اليوم. إنها الرسالة التي ساوت بين البشر أمام الله، وجعلت من كلّ ما يراه اليهودي امتيازاً كأنه نفاية. جاءت الرسالة المسيح قاسية على اليهود الذين ينتمي إليهم في الجسد. فوبّخهم على كبريائهم وريائهم، وزيفهم وسطحيّتهم وقساوة قلوبهم وعنصريّتهم. حتى أنه قلّل من أهمية الهيكل والطقوس والتقاليد الدينيّة. لقد كره اليهود المسيح ورسالته لدرجة أنهم لم يضطهدوه فقط، بل صرخوا جميعهم أمام الحاكم الرّوماني: “أصلبه.. أصلبه”، فعلّقعه هذا الأخير على خشبةٍ مسمرّاً إيّاه فوق الصليب.
السؤال الثالث
هل استفاد المسيح من رسالته مادياً أو إجتماعياً؟
جال المسيح يفعل خيراً ويشفي الناس من الأمراض. لم يكن له مكان يسند رأسه عليه، ولم يكن يملك المال أو العقارات، ولا حتى ذهب أو فضّة. لم يكن يتمتع بمنصب رفيع بسبب رسالته، ولم يكن قائد جيش. لم تستفد أمّه من رسالته ولا أصدقاؤه ولا أقاربه. بل على العكس.. لقد وصفه الجميع بالمجنون، ونام في البراري مع تلاميذه واحتاج وعطش وجاع، ورجموه أكثر من مرّة، واقتادوه ليرموا به من فوق الجبل. وحين جاء بعض اليهود الذين صدّقوه لينّصبوه ملكاً عليهم، توارى عن الأنظار. وفي اليوم الذي دخل فيه الى مدينة أورشليم واحتفى به الشّعب وهلّلوا، كان يمتطي صهوة حمار!
السؤال الرابع
ما هي التضحيات التي قدّمها حامل الرسالة في سبيل إيصال رسالته؟
لم يستفد المسيح من رسالته التي نادى بها مادياً، ما خلا الثوب الذي ألبسوه إيّاه بعد الجلد. ولا معنوياً غير لافتة الإستهزاء التي علّقوها في أعلى صليبه. جلدوه وبصقوا في وجهه وأهانوه ووضعوا إكليل شوك على رأسه. وضحّى بكلّ شيء: سمعته وجسده وحياته! رأته أمّه وهو يموت أمام عينيها، وأخيراً دفنه أصداؤه الذين تخلّوا عته ساعة صلبه.
لم يستفد المسيح شيئاً من رسالته بل ضحّى بكلّ ما كان يملكه، أو ما كان يمكن أن يكسبه. ولم يتألّم المسيح هكذا لأنه كان ضعيفاً أو عاجزاً، بل لأنّ خطّة الله كانت أن يقدّم الفداء للعالم من خلال موت المسيح.
السؤال الخامس
ما هي براهين المسيح التي تدلّ على صدق رسالته؟
لا يمكن لنا أن نعتبر البرهان حقيقياً إذا كان يمكن تقليده، الى جانب المعجزات الكثيرة التي قدّمها المسيح. محتوى وهدف رسالته هما الدليل الأكبر على مصداقية هذه الرسالة التي غيّرت التاريخ. إنّ الرسالة لم تقدّم له الخير بل الموت، وقدّمت للعالم كّه المحبّة والسلام. ورسالة الإنجيل بأنّ الله أحبّ العالم إلى المنتهى. إنهّا البرهان الأوّل الذي أراد المسيح من سامعيه أن يصدّقوه من أجله. حينما أقام المسيح الموتى وأعاد البصر الى العميان وأقام العرج وصنع المعجزات، كان نادراً ما يفعل ذلك أمام الناس! بل كان يطلب ممّن رأوا معجزاته ألّا يخبروا أحداً.. لماذا؟ لقد أراد من الناس أن يصدّقوا رسالة المحبّة الإلهية لذاتها، وليس لسبب المعجزات. ورغم ذلك، فإنّ معجزات المسيح التي قدمّها للعالم كما يدوّنها الإنجيل لا مثيل لها على الإطلاق، ولا يمكن تزييفها أو تقليدها. وفي النهاية، جاء البرهان الأعظم على الإطلاق وهو القبر الفارغ الذي تركه المسيح يوم القيامة. هذه القيامة التي هزّت قلوب تابعيه، فقلبوا المسكونة وفتنوها برسالة المحبّة.
يظنّ الجميع أنّ المسيحيّة يمكن لها لأن تنجح في الإجابة عن الأسئلة السابقة فقط،
فماذا بالنسبة إلى السؤال الأول
لماذا لا يتحدّث الله إلينا بشكلٍ مباشر؟
عوضاً عن إرساله الرّسل والأنبياء، في الحقيقة أنّ الإيمان المسيحي نجح في تقديم إجابة عن السؤال المختصّ أيضاً بالله نفسه. ففي عُرف الكثير من الأديان، يتحدّث الله مع البشر من خلال الكتاب الذي أنزله إليهم. وهذا الكتاب يعكس طبيعة الله ويعرّف البشر عليه.
أمّا في المسيح فقد تحدّث الله مع البشر بشكلٍ كباشر. لقد جاء الله إلى عالمنا وولد من مريم العذراء واقترب منّا شخصيّاً. لقد عكس الله صورته في المسيح وحقيقته وطبيعته. فأصبحنا نرى الله كأننا نراه في مرآة.. ومن خلال شخص المسيح.
”المسيح هو صورة الله غير المنظور“ (كولوسي 15:1)
”وفيه يحلّ كلّ ملء اللاهوت جسدياً“ (كولوسي 9:2)